حمد وسيم أكرم
طالب الماجستير في اللغة العربية
أهمية الأمثال والحكم في العصرالجاهلي
:لغة
الأمثال جمع مثل و هو مأخذ من قولنا هذا مثل الشيء ومِثله، كما
تقول شَبهه، وشِبهه، لأن
الأصل فيه التشبيه. وللعرب أمثال جيدة خلفوها لنا تدل على
عقليتهم أكثر مما يدل عليها الشعر والقصص، ولعل سبب ذلك يعود إلى أن المثل يوافق
مزاجهم العقلي و هو النظر الجزئي الموضعي لا الكلي الشامل. والمثل لا يستدعي إحاطة
بالعلم أو شؤون الحياة
اصطلاحا:
الأمثال هي العبارة الفنية السائرة الموجزة التي
تضاع لتصوير موقفا أو حادثة و لتستخلص خبرة إنسانية يمكن استعادتها في حلة أخرى
مشابهة لها مثل:"رب ساع لقاعد"و"إن البغاث بأرضنا
يستنسر"و"رجع بخي حنين"و"إياك واسمعي يا جارة"و"رب
قول أشد من صول" .
وتعريف آخر للأمثال و هي جملة قيلت في مناسبة خاصة ، ثم
صارت- لما فيها من حكمة- تذكر في كل مناسبة مشابهة . ولكي تصير الجملة مثلاً فلابد
من اشتمالها علي الإيجازب وحسن التشبيه و إصابة المعني و حسن الكناية .
الحكمة: قول موجز مشهور صائب
الفكرة ، دقيق التعبير يهدف إلى الخير والصواب ، و الحكمة
تعبر عن خلاصة خبرات صاحبها
بالحياة .
تتفق الحكمة مع المثل في :
الإيجاز - الصدق - قوة التعبير - سلامة الفكرة
وتختلف الحكمة عن المثل في
أمرين : - أن الحكمة لا ترتبط في أساسها
بحادثة أو قصة.
أن الحكمة تصدر عن إنسان له
خبرته وتجاربه العميقة في الحياة
الفرق بين الحكمة والمثل
الحكمة قول موجز جميل، يتضمن حكماً صحيحاً مسلماً به.
لأنه نابع من الواقع ومعاناة التجارب في الحياة، مثل: " آخر الدواء الكي،، وإنك لا
تجني من الشوك العنب، وإن العوان لا تعلم الخمرة ".
أما المثل فهو في أصله قول يقترن بقصة أدت إليه،
ويدري به اللسان أول مرة، ثم يدخل في نطاق الأمثال حين يستشهد به في مقامات
مماثلة، وفي حالات مشابهة للحالة الأولى التي ورد ذلك القول فيها. ولذلك تحكى الأمثال
بألفاظها الأصلية، بلا تغيير ولا تصرف، مهما كان وضع المخاطب أو نسق الكلام مثل ( تموت الحرة ولا تأكل
بثدييها ، مقتل الرجل بين فكيه ، إستنوق الجمل
نماذج من الأمثال:
قَبْلَ الرِّمَاءِ تُملأُ الكَنائِنُ) معناه: قبل
أن تخرج للصيد فعليك أن تملأ حافظات السهام بالسهام ( الكنائن جمع كنانة) ويُقال :
للانسان يودُّ القيام بأمر لم يستَعِدَّ له، كالطالب يودُّ النجاح دون كد.
تقسيم الأمثال العربية
تنقسم الأمثال العربية إلى أمثال حقيقية وأمثال فرضية.
أما الأمثال الحقيقية، لها أصل و قائلها معروف غالبا
ونماذج منها:
وافق شن طبقة"شَنّ رجل من العرب خرج ليبحث عن امرأة مثله يتزوجها،
فرافقه رجل في الطريق إلى القرية التي يقصدها، ولم يكن يعرفه من قبل. قال شن:
أتحملني أم أحملك؟ فقال الرجل: يا جاهل أنا راكب وأنت راكب فكيف تحملني أو أحملك؟
فسكت شن حتى قابلتهما جنازة، فقال شن : أصاحب هذا النعش حى أم ميت ؟،
فقال الرجل : ما رأيت أجهل منك، ترى جنازة وتسأل عن صاحبها أميت أم حي، فسكت
شن، ثم أراد مفارقته، فأبى الرجل وأخذه إلى منزله، وكانت له بنت تسمى طبقة. فسألت
أباها عن الضيف فأخبرها بما حدث منه ، وأبت ما هذا بجاهل؛ إنه أراد بقوله أتحملني
أم أحملك: أتحدثني أم أحدثك. وأما قوله في الجنازة فإنه أراد: هل ترك عقبا يحيا به
ذكره؟ فخرج الرجل وجلس مع شن وفسر له كلامه، فقال شن: ما هذا بكلامك ، فصارحه بأنه
قول ابنته طبقة، فتزوجها شن. ويضرب مثلا للمتوافقين.
وأما الأمثال الفرضية، فهي ما كانت من تخيل أديب ووضعها عل لسان طائر
أو حيوان أو جماد أو نبات أو ما شاكل ذلك والفرضية تساعد علي النقد والتهكم
والسخرية وخاصة في عصور الاستبداد وهي وسيلة ناجحة للوعظ والتهذيب والفكاهة
والتسلية مثل كليلة ودمنة وسلوان المطاع وفاكهة الخلفاء.
ميزات الأمثال والحكم العربية
الجاهلية
من المعلوم لدى الجميع أن الأمثال العربية في العصر الجاهلي متصفة
بمزايا وخصائص تميزها كل تمييز عن أخواتها و مثيلاتها،و من أظهر وأوضح مميزاتها
قلة الألفاظ وكثرة المعاني وسهولتها ووضوحها، والخلو من تكلف البديع، والإيجاز لا
الإطناب والتطويل، وجمال الصياغة وحسن التعبير وجزيل اللفظ وقوي التركيب وموجز
الأسلوب وسطحي الفكر وسلاسة العبارة وسيولتها وفصاحتها وبلاغتها وقوة التأثير، ولا
يُلتزمُ أن يكونَ المثلُ صحيح المنحى فقد يَشتهر مثلٌ لا يصح معناه في كل وقت،
ولكنْ صادفَ ظرفاً شهيراً فاشتُهر به، ولما كانت الأمثال نتاج الناس جميعاً فقد
جمعتِ الصحيح وغيرَ الصحيح، ولا كذلك الحكمة، فإن الحكمة وليدةُ عقل متميز ذي
ارتفاع فلا بدّ أن تكون صادقة في كل الأحوال.
وأعظم ما اختصت به الأمثال العربية
الجاهلية، جريان الكلمات مع الطبع فليس تكلف ولا زخرف ولا غلو،تسير مع أخلاق
البدوي وبيئته،وقال ابراهيم النظام : يجتمع في المثل أربع ميزات لا تجتمع في غيره
من الكلام:إيجاز اللفظ و إصابة المعنى و حسن التشبيه و جودة الكفاية،فهونهاية
البلاغة.
أهمية
الأمثال والحكم العربية في العصر الجاهلي
هذا لا يخفى على كل من له أدنى إلمام بالأدب العربي في العصر الجاهلي أن
الأمثال العربية لها أهمية كبرى ومكانة مرموقة في العرب وهي خلاصة وثمرات
الناس وتجاربهم، بها تنطق ألسنتهم و تصف أحوالهم الفكرية والاجتماعية والأدبية
والثقافية والتاريخية والوطنية والأخلاقية ،وتترجم واقعهم وآمالهم وآلامهم ،في
عبارات بليغة موجزة وتعبر في أبلغ بيان عن واقعهعم وحياتهم ، ويمكن القول أن
الأمثال لأي أمة من الأمم هي صوتها القوي وقلبها النابض وضميرها الحي وعقلها
الواعي.وقال ابن الجوزية:ففي الأمثال من تأنس النفس وسرعة قبولها وانقيادها لما
ضرب لها مثله من الحق لا يجحده أحد ولا ينكره وكلما ظهرت الأمثال ازداد المعنى
ظهورا ووضوحا، فالأمثال شواهد المعنى المراد،وهى خاصية العقل ولبه و ثمرته.وقال
الإمام السيوطي :المثل ما ترضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه،حتى ابتذلوا فيما
بينهم ،وفاهوا به في السراء والضراء واستدروا به الممتنع من الدر ووصلوا به
المطالب القصية،وتفرجوا به عن الكرب والكربة وهو من أبلغ الحكمة لأن الناس لا
يجتمعون على ناقص أو مقصر في الجودة أو غير مبالغ في بلوغ المدى في النفاسة.
وأن العرب كانوا ذا نفوس حساسة و أولو غيرة و أصحاب ارتجال و بديه،فدفعهم كل ذلك
إلى مساهمة كبيرة في الأمثال ،واستخدموها في كل مجال من المجالات المختلفة، فلا
يخلو موقف من حياتنا العامة إلا ونجد مثلا ضرب عليه، ولا تخلو خطبة مشهورة ولا
قصيدة سائرة من مثل رائع مؤثر في حياتنا.
تطور
الأمثال والحكم العربية الجاهلية عبر التاريخ
من المعلوم لدى الجميع أن نشأة الأمثال
العربية كما نشأت في العصر الجاهلي وتطورها كما تطورت لا يمكن تحديدها
بالسنة ،لأن المعلومات عنها ما وجدت مكتوبة كالخطابة بأن الكتابة ما كانت
رائجة في ذالك العصر كيومنا هذا،ولكنها-كما علمت بالدراسة والمطالعة-
فن قديم يصاغ انطلاقاً من تجارب وخبرات عميقة، يحمل تراث أجيال متلاحقة، بتناقلها
الناس شفاها أو كتابة، تعمل على توحيد الوجدان والطبائع والعادات، وقد تقوم
في هذا المجال بدور فعال في دفع عجلة المجتمع إلى الأمام باتجاه التطور
والبناء.لذلك ينظر إليها باعتبارها وثيقة تاريخية واجتماعية ، نشأت مع نشوء ذيوع
الكتابة وقد استغلتها بعض الأمم قديما (كالسومريين مثلا) إلى جعلها وسيلة تعلم،
فنقشوها على ألواحهم، كونها تراثاً شفهيا لدى كل الشعوب القديمة مع اختلافها في
الطابع والثقافة ومعايير عاداتهم الخاصة.
وهذه حقيقة أن العرب كانوا متصفين بطلاقة اللسن وفصاحة البيان وبلاغته وأناقة
اللهجات واختيار الكلمات الجزلة الجذابة وارتجال وبديه وكثرة المعانى في قلة
الألفاظ في انشاد الأشعار وإلقاء الخطب،ولديهم كانت رغبة صادقة وشوقا شديدا أن
يكون لكل قبيلة شاعر ليرفع ذكرهم أو خطيب ليشد أزرهم وربما يجتمع الصفتان في
واحد.فكل ذالك دفعهم إلى المساهمة الكبيرة في الأمثال العربية بكل وسيلة من
الوسائل المتوفرة في المفاخرات والمنافرات المنعقدة في الأسواق والمجالس الأندية و
الأماكن الأخرى.و بكل من ذالك لقيت الأمثال العربية الشيوع و الذيوع في ذلك العصر
،و كذلك الحال حتى جاء عهد التدوين والتأليف ، واهتم علماء العرب و العجم بجمع
الأمثال العربية بالتأليف و التصنيف و نشر المقالات في المجلات و الجرائد، و بهذه
الخدمات الجليلة لعبوا دورا فعالا في تطور الأمثال العربية عبر التاريخ. هناك
استعرض تلك الوسائل التي لها دور هام في تطور الأمثال العربية في العصر الجاهلي و
العصور الأخرى وتحفظها من الاندثار والانحطاط تبعا لأحوال العمران بمر العصور
والدهور.
أصحاب الحكم والأمثال في العصر الجاهلي
أكثم بن صيفي، وربيعة بن حذار، وهرم بن قطيعة ،وعامر
بن الظرب ،ولبيد بن ربيعة ،
أما أكثم فكان من المعمرين ،و يقال إنه لحق
الإسلام و حاول أن يعلن إسلامه فركب متوجها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، غير
أنه مات في الطريق ،وتدور على لسانه حكم و أمثال كثيرة،و قد ساق السيوطي في المزهر
و هي تجري على هذا النسق"
نماذج الأمثال والحكم
وعامر يدخل في المعمري، ويقال أنه " لما أسن
واعتراه النسيان أمر ابنته أن تقرع بالعصا إذا هو فه (فه: حاد وجار وانحرف) عن
الحكم وجار عن القصد و ابنته كانت من حكيمات العرب حتى جاوزت في ذلك مقدار صحر بنت
لقمان وهند بنت الخس وقال المتلمس في ذلك
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا
( ألصيف ضيعت اللبن )
قاله عمرو بن عمرو بن عدس وكان شيخا كبيرا تزوج
بامرأة فضاقت به فطلقها فتزوجت فتى جميلا وأجدبت. فبعثت تطلب من عمرو حلوبة أو
لبنا , فقال ذلك المثل, ويضرب هذا المثل لمن يطلب شيئا فوته على نفسه
(على أهلها جنت براقش )
وبراقش كلبة لقوم من العرب اختبأت مع أصحابها من
غزاة, فلما عادوا خائبين لم يعثروا عليهم نبحت براقش فاستدلوا بنباحها على مكان
أهلها فاستباحوهم.
ربما كانت مقتطعة من أبيات
كاملة، مثل: " رضيت من الغنيمة بالإياب " وهو عجز بيت لامرئ القيس، "
خلا لك الجو فبيضي واصفري " وهو أيضاً عجز بيت لطرفة " والبس لكل حالة
لبوسها " وهو رجز قديم، لا تعرف تتمته ولا صاحبه.
الموضوعات التي استعملت في
الأمثال العربية
كما قلت في السطور السالفة أن العرب ضربوا أمثالا
في كل موضوع من الموضوعات المتنوعة و في كل مجال من المجالات المختلفة، فلا يخلو
موقف من حياتنا العامة والخاصة إلا ونجد مثلا ضرب عليه.هناك نعرض أمثالا حسب
الموضوعات بالإيجاز والاختصار
ألصبر: في التأني السلامة وفي العجلة الندامة
طول البال يهدم الجبال
صبرك
عن محارم الله أيسر من صبرك على عذاب الله
ألشجاعة:
استقبال الموت خير من استدباره
عش عزيزا أو مت وأنت كريم
ليست الشجاعة ان تقول ما تعتقد ،بل الشجاعة ان
تعتقد كل ما تقوله
الحب و الغيرة:
الغيرة مسألة كرامة و ليست مسألة حب
الإهمال يقل الحب ،والنسيان يدفنه
في الحب كل شئ صدق..و كل شئ كذب أيضا
الحكمة:
لاتتحد إنسانا ليس لديه شيئ يخسره
لاتتطعن في ذوق زوجتك فقد اختارتك أولا
المراجع والمصادر
الدكتور شوقي ضيف ، تاريخ الأدب
العربي ، دار المعارف القاهرة، الطبعة الحادية عشرة 1975م
احمد حسن الزيّات ،تاريخ الأدب العربي
، دار نهضة مصر للطباعة والنشر الفجالة القاهرة 2001م
عمر فرّوخ ، تاريخ الأدب العربي،دار
العلم للملايين ،بيروت ،2008م
كتاب الأمثال"للفضل الضبي
كتاب الأمثال لمؤرج السدوسي (195هـ)، وكتاب
الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام (224هـ)
1 Comments
(y)
ReplyDelete:)
:(
hihi
:-)
:D
=D
:-d
;(
;-(
@-)
:P
:o
:>)
(o)
:p
(p)
:-s
(m)
8-)
:-t
:-b
b-(
:-#
=p~
x-)
(k)