محمد و سيم اكرم
طالب الماجستير في اللغة العربية
تطورالخطابة في العصرالجاهلي
تعريف الخطابة
أما عن تطورها في
العصر الجاهلي فنجد الدكتور غازي طليمات أنه يشير إليه و يقول "أن العرب في جاهليتهم
كان لهم نثر أدبي ضاع معظمه لأسباب منها شيوع الأمية و ندرة التدوين و ميل الذاكرة
عن حفظ المنثور إلى حفظ المنظور فما و صل إلينا منه لا يسمح لنا بدراسة مفصلة تبين
أساليبه و اتجاهاته لا لقلته فحسب بل لما خالط نصوصه الأصلية من نصوص ذكر الباحثون
أنها وضعت في العصر الأموى و صدر العباسي.[1] و يقول الدكتور شوقي ضيف
" ليس بين أيدينا نصوص وثيقة من الخطابة الجاهلية من بعد المسافة بين العصر الذى
قيلت فيه و عصور تدوينها و لذلك كان أن نحترس مما رواه صاحب الأمالى و صاحب العقد الفريد.[2] و مهما
يكن من أمر فقد شاعت الخطابة في العصر الجاهلي شيوعا شديدا لتوافر و الدواعي، فإن حياة
الصحراء و ما تقتضيه من بطولات وما تدعى إليه من فروسية و العصبية القبيلة و ما تحمل
عليه من مفاجآت و منافرات و الوفود من قوم إلى و من قبيلة إلى قبيلة في سبيل منافرة
أو دفاع و الأديان و المذاهب وما تدعو إليه من زهد و ذلك كله حافز من حوافز الخطابة
يعلى شأنها و يمجد سلطانها[3]

مميزات الخطابة
ان الخطابة متصفة بالخصائص والمزايا والأساليب التي تميزها عن مثيلاتها
واخواتها كل تمييز, وهذه المزايا والاساليب تتلألأ كالنجوم المتلألئة في الليلة
المقمرة في الكلام الخطباء بصورة قوة المعاني والألفاظ وقوة الحجة والبرهان وقوة
العقل الخطيب وقوة عارضته وسطوع حجته ونبرات صوته وحسن القائه ومحكم اشارته
ومن أظهر مميزاتها واساليبها
التكرار، واستعمال المترادفات وضرب الأمثال واختيارالكلمات الجزلة ذات الرنين
وضروب التعبير من أخبار الى إستفهام الى تعجب الى استنكار.وتخيراللفظ واسلوب
التدرج والتمثل بالشعروالتوسل بالايقاع
أهمية الخطابة
من المعلوم لدي الجميع أن للخطابة أهمية سامية ومكانة مرموقة في الحياة
الانسانية,وهي وسيلة هامة من وسائل دعوة الناس من الظلمات الى النور,ومن الشر الى
الخير,وعبادةالناس الى عبادةالله الواحدالقهار,كما هي جنة قوية لتجنيب الدول من
الاحتلال الى الاستقلال,ومن الثورة الى الأمن و السكون,ومن تفريق كلمة المجتمع
الانساني وتشريدهم الى توحيد كلمتهم ووئائهم,وأن الخطابة لها دور هام في تحريض
الناس على الحرب وسفك الدماء وقتل النساء,كما لها قدح معلى في الصلح والسلم بين
الدول والامراء.
وكل هذا دفع العرب في العصرالجاهلي الى المساهمة في الخطابة,وكان
العرب ذونفوس حساسة وإباء وأولوغيرةونجدة، وكان لهم فيها القدم السابقة والقدح
المعلى، وقد دعاهم اليها ما دعا الامم البدوية من الفخر بحسبها وتجارها,والذود عن
شرفها وذمارها,واصلاح ذات البين الحيين,والسفارة بين رؤوس القبائل وإقبالهم,أو بين
الملوك وعمالهم. وكانوا يدربون فتيانهم وأولادهم عليها منذ الحداثة,ويحرصون
على أن يكون لكل قبيلة خطيب ليشد أزرها,وشاعر يرفع ذكرهاوربما اجتمع الصفتان في
واحد.[4]
تطورالخطابة في
العصرالجاهلي
ان قلمي عاجز عن تعبير تطور الخطابة في العصر الجاهلي بعين تطورها حق
التعبير ,لأن النصوص التاريخية ما وجدت مكتوبة تدل دلالة على تاريخها حينما بدأت ,
ونشأتها كما نشأت ,وتطورها كما تطورت ولكن تاريخ الأدب العربي يدل دلالة على أن
للعرب مساهمة كبير ة في الخطابة ,ودورا بارزا في ازدهارها وتطورها ,وكل شيء كان
عندهم ,يؤهلهم لهذا الازدهار ,وأنهم استخدموا الخطابة في ميادين مختلفة لأغراض
متنوعة كالمنافرات والمفاخرات بالأحساب والانساب والمآثر والمناقب والمنازعات
والخصومات بينهم والدعوة الى الحرب والصلح, والمجالس والأسواق وساحات الأمراء و
وفادتهم عليهم لإظهار براعتهم وتفننهم في المقال وحوك الكلام, واسعفتهم في ذلك
ملكاتهم البيانية وما فطروا عليه من خلابة ولسن وبيان وفصاحة حضور بديهة. فيكتب
الأديب الأريب الجاحظ عن الخطابة في العرب بكلمه السيال "وكل شيء للعرب فإنما
هو بديهة وارتجال ,وكأنه الهام، وليست هناك معاناة و لا مكابدة ولا اجالة فكرولا
استعانة, وانما هو أن يصرف وهمه الى الكلام.......عند المقارعة او المناقلة او عند
صراع أو هو في حرب ,فما هو الا أن يصرف وهمه الى جملة المذهب والى العمود الذي
اليه يقصد ,فتاتيه المعاني ارسالا وتنثال عليه الالفاظ انثيالا..وكان الكلام الجيد
عندهم أظهر وأكثر ,الآن سأحاول تلخيص أهم اسباب هذا الإزدهار في نقاط [5]
هناك استعرض تلك الوسائل التي لعبت دوراهاما في تطورالخطابة وازدهارها في
العصر الجاهلي بالايجازوالاختصار,لابالاطناب والتطويل:
أنواع الخطابه فى العصر الجاهلى
اختلفت باختلاف متطلباتها منها
خطب المنافره: ان يفخر رجل على رجل بحضور حكم يحكم بينهما يذكر كل خطيب
مفاخره اشبه بمعركة انتخابيه يتنافس زعيمان للفوز بتأييد الجماهير
مثالها : قال علقمة لعامر" أنا خير منك أثرا و أحد منك بصرا و أعز منك
نفرا و أشرف منك ذكرا" فرد عليه عامر" إني أسمعي منك سمة و أطول منك قمة
و أحسن منك لمة و أجدر منك جمة و أسرع منك رحمة و أبعد منك همة"[6]
خطب الوعظ: من خلالها يقدم وعظ تلتقى عند محور واحد مشكله الموت والمعاناه
من الضياع
خطب الحرب: خطب تغلب عليها الحماسه يدعو الخطيب الى الصبر على القتال
خطب الزواج أو الاملاك : مظهر من
رقى العرب ان يعلن الخطيب مناقب الخاطب لينظر بالقبول من اهل المخطوبة
مثالها...." إن أفضل الأشياء أعاليها و أعلى الرجل ملوكها و أفضل الملوك أعمها نفعا و
خير الأزمنة أخصبها و أفضل الخطباء أصدقها الصدق منجاة و الكذب مهواة و العجز
مفتاح الفقر و خير الأمور الصبر"[7]
خطب الوفاده: يفدون على الامراء يكلمه بلسان قومه
خطب اصلاح ذات البين: ينقلب تفاخر الاعراب لمشاجره فيبرز العقل للاصلاح
بينهم
أشهر خطباء الجاهلية
هاشم بن عبد مناف، وابنه عبد المطلب، وزهير ابن جناب، وقيس بن خارجة بن
سنان، وأكثم بن صيفى، وقس بن ساعدة، وهانيء بن مسعود الشيباني، وحاجب بن زرارة،
والحارث بن عبّاد البكرى.
قيس بن
ساعدة : ( توفي نحو سنة 600 م ) : هو اسقف نجران وخطيب العرب وحكيمها وقاضيها في
عصره كثير ما كان يوافي سوق عكاظ ويخطب في الملا ترغيبا لهم ن الوثنية وتخويفا من
غضب الله ونقمته ، وقد مال عن الدنيا وزخرفها ، وعاش على العكاف يعظ الناس ويعبد
الله توفي نحو سنة 600 م بعد عمر طويل.
أسلوبه : بعيد عن الضعة ، كثير السمع قصير الفواصل يعمه فيه قيس إلى ضرب
الأمثال وإرسال الأحكام.
أكثم بن صيفي ( توفي سنة 630 م / 9 هـ) هو أكثم بن صيفي بن رباح بن الحارث
التميمي أشهر حكماء العرب في الجاهلية وأشهر خطبائهم وحكامهم ، كان رجل بر ونزاهة
فرغب العرب في التقاضي إليه ، ولم يردوا له حكما وقد اشتهر بحكمته حتى ضرب بها
المثل ، ومما يروى أن النعمان بن المنذ سمع من كسرى أنوشروان ملك الفرس كلاما في
العرب أمضه ، فأحب أن يري ذكاءهم وفضلهم ، فأرسل إليه رهطا من وجوههم وحكمائهم ،
وفيهم أكثم بن صيفي فألقى أكثم خطبة مشهورة كلها حكم بارعة وأمثال رائعة منها:
(إن أفضل الأشياء أعاليها ، وأعلى الرجال ملوكهم ، وأفضل الملوك أعمها نفعا
.... إصلاح الفساد الرعية خير من اصلاح فساد الراعي ... شر البلاد بلاد لا أمير
بها ، شر الملوك من خانه البريء)
أما أسلوب أكثم بن صيغي فهو الأسلوب الذي يتخذ العقل وسيلة للتأثير فيتجنب
المغالاة ، ويعمد إلى الحكم الرفيعة فيصرغها في قالب موجز ، ويرسلها في إتئاد
ورصانة على غير وحدة تأليفية.
بالإضافة إلى خطباء آخرون منهم : عمرو بن معدي كرب الزبيدي ، عمرو بن كلثوم
التغلبي ، وعمرو بن الأهتم المنقري.
0 Comments